قال الشارح: [ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجد قباء كعمرة)، وفي الصحيح:(أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يزور قباء راكباً وماشياً)، وقد صرح أن المسجد المذكور في الآية هو مسجد قباء جماعة من السلف منهم ابن عباس وعروة وعطية والشعبي والحسن وغيرهم.
قلت: ويؤيده قوله في الآية {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}[التوبة:١٠٨].
وقيل: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحديث أبي سعيد قال: (تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم فقال رجل: هو مسجد قباء وقال الآخر: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هو مسجدي هذا) رواه مسلم وهو قول عمر وابنه وزيد بن ثابت وغيرهم.
قال ابن كثير: وهذا صحيح، ولا منافاة بين الآية والحديث؛ لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى، وهذا بخلاف مسجد الضرار الذي أسس على معصية الله كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[التوبة:١٠٧] فلهذه الأمور نهى الله نبيه عن القيام فيه للصلاة].