للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شكر النعم]

أركان الشكر ثلاثة: الأول: أن يعلم أن النعمة من المنعم، والمنعم هو الله جل وعلا، وأنها فضل منه بلا استحقاق.

الثاني: أن يضيفها إلى المنعم، ويذكرها له، ويشكره بلسانه عليها.

الثالث: أن يستعملها في طاعة الله جل وعلا، {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} [سبأ:١٣]، فالعمل من الشكر، وكذلك من العمل: الثناء، ومنه قبل ذلك: أن يعلم أنها من الله، فكل نعمة ينعم الله جل وعلا بها على عبده يجب أن يقوم بهذه الأمور الثلاثة حتى يؤدي شكر الله عليها، وحتى تستقر، وواضح في الحديث السابق أن شكر النعمة يقتضي استقرارها وزيادتها، وكفرها يقتضي نفورها وذهابها، ومع ذلك يعذب؛ لأنه كفر، والكفر أصله مأخوذ من التغطية؛ ولهذا يسمى الزارع حارث الأرض كافراًً؛ لأنه يغطي البذر في الأرض، وإذا غطاه قيل: كفره، إذاً: أصل الكفر التغطية، فإذا غطى نعمة الله فهو كافر لها، وأعظم النعم التي يجب أن تبرز وتظهر ويعمل بها: عبادة الله جل وعلا، ثم يتبع ذلك سائر النعم، وعبادة الله هي الأصل في هذا، فإذا آمن الإنسان بالله جل وعلا وعبده، فهذا يقتضي أن يشكره على كل نعمة من نعمه، وقد يكون كفر النعمة داعياً إلى الكفر الأكبر، فقد يكون سبباً إلى ذلك، كما حصل لهؤلاء الاثنين اللذين جحدا وكفرا نعمة الله، فعاقبهما الله جل وعلا في العاجل قبل الآخرة، وما أعده الله جل وعلا لهم في الآخرة أعظم وأشد.