قال الشارح: [قوله: وقوله الله عزَّ وجلَّ: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ}[الأنعام:٥١] الإنذار هو: الإعلام بأسباب المخافة والتحذير منها.
قوله:(بِهِ) قال ابن عباس: بالقرآن.
وعن الفضيل بن عياض: ليس كل خلقه هكذا، إنما عاتب الذين يعقلون فقال:{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}[الأنعام:٥١] وهم المؤمنون أصحاب القلوب الواعية.
قوله:{لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ}[الأنعام:٥١] قال الزجاج: موضع (ليس) نُصب على الحال كأنه قال: متخلين من كل ولي وشفيع، والعامل فيه:(يخافون)].
يعني: أنه ليس لهم في ذلك اليوم ولي ولا شفيع؛ ولكن هذا معناه أنهم في ذلك اليوم وفي غيره في جميع أحوالهم متخلون عن كل شيء مما يزعمه الكفار والمشركون، فهم لا يتولون إلَّا الله جلَّ وعلا، ولا يطلبون الشفاعة إلَّا من الله، فإذا طلبوها طلبوها من الله، فيقولون: اللهم شفِّع فينا الشفعاء، اللهم ارزقنا شفاعة الشفعاء، اللهم أدخلنا في شفاعة سيد الخلق، وهكذا، يطلبونها من الله ولا يطلبونها من أحد من الخلق، وهذا هو الطلب الصحيح، فمن طلبها على هذا الوجه يوشك أن يدركه، وأن يُعطاها، أما إذا طلبها من المخلوق فيكون طلبه من المخلوق سبباً في منعه إياها؛ لأنه حق لله جُعل للمخلوق، فصار شركاً بالله جلَّ وعلا.
[قوله:(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي: فيعملون في هذه الدار عملاً ينجيهم الله به من عذاب يوم القيامة].
وهذا يدلنا على أن (لعل) للترجي، والله جلَّ وعلا لا يخفى عليه شيء تعالى وتقدس، فهو علام الغيوب، وإنما هذا على وفق ما في لغة العرب.