(٢٧) وأوّل من أسلم من النساء خديجة رضى الله عنها، ثم إنّ أهل العلم يقولون إنّها أوّل من أسلم من الناس، وإنّ عليّا عليه السلام تلاها، وهل كان بالغا أو صبيّا؟ ففى ذلك خلاف.
وأمّا المتفّق عليه فإنّ أوّل من أسلم من الرجال أبو بكر رضى الله عنه ومن الشباب علىّ عليه السلام، ومن الموالى زيد بن حارثة رضى الله عنه ومن النساء خديجة رضى الله عنها، هذا لا خلاف فيه بوجه من الوجوه.
ولمّا رأى المشركون ذلك خالفوه وعاندوه وهمّوا بقتله، فأجاره عمّه أبو طالب، وماتت خديجة بعده بخمسة أيّام، فبان أثر موتهما على النبىّ صلّى الله عليه وسلم.
وقيل كان المبعث لمائة وخمسين من عام الغدر، ولعشرين سنة من ملك أبرويز بن هرمز، وكان جبرائيل عليه السلام أتاه بغار حراء-جبل بمكّة- كان يتعبّد فيه الليالى ذوات العدد، فقال: اقرأ! فقال: ما أنا بقارئ، قال:
فأخذ بيدى فغطّنى حتى بلغ منّى الجهد، ثم أرسلنى، فقال: اقرأ! فقلت: ما أنا بقارئ، فقال:«اقرأ باسم ربّك الذى خلق إلى قوله علّم الإنسان ما لم يعلم» فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة، فقال:
«زمّلونى زمّلونى» فزمّلوه حتّى ذهب عنه الروع، ثم قال:«أى خديجة»، وأخبرها الخبر، وقال:«لقد خشيت على نفسى»! قالت له خديجة: أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، إنّك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحقّ.
فانطلقت به حتى أتت به ورقة بن نوفل، وهو ابن عمّها، وكان امرأ قد