أشياء لم أرك ذكرتها، أفى عينيه حمرة قلّ ما تفارقه؟ وبين كتفيه خاتم النبوة؟ ويركب الحمار؟ ويلبس الشملة؟ ويجتزئ بالتمرات (١) والكسر لا يبالى من لاقى [من] عمّ ولا ابن عمّ؟ قلت: هذه صفته! قال: قد كنت أظنّ مخرجه الشام، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج من العرب فى أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعنى فى اتّباعه، ولا أحبّ أن تعلم بمحاورتى إيّاك، وسيظهر على البلاد، وتنزل أصحابه بعده بساحتنا هذه حتّى يظهروا على ما هنا، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا، فارجع إلى صاحبك!
قال (٢): ثمّ رجع إلى حديث هشام بن إسحاق، قال: ثمّ دعا كاتبا يكتب بالعربيّة فكتب: لمحمّد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام، أمّا بعد:
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت، وما تدعو إليه، وقد علمت أنّ نبيّا قد بقى، وقد كنت أظنّ أنّه يخرج من الشام (٤٤) وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان فى القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام.
فلمّا قدم حاطب اتّخذ النبى صلّى الله عليه وسلم إحدى الجاريتين لنفسه، ووهب الأخرى لجهم بن قيس العبدرى، فهى أمّ زكريّا بن جهم الذى كان خليفة عمرو بن العاص على مصر، ويقال بل وهبها لحسّان بن ثابت، فهى أمّ عبد الرّحمن بن حسّان، ويقال بل وهبها لمحمّد بن مسلمة الأنصارى، ويقال بل وهبها لدحية بن خليفة الكلبىّ.