ثم بجمرة العقبة، ويطيل الدعاء عند الأولى والثانية. ثم نفر فى اليوم الثالث، ونزل المحصّب فصلّى به الظهر والعصر والمغرب وعشاء الآخرة، ورقد رقدة من الليل، وأعمر عائشة من التنعيم تلك الليلة، ثم لمّا قضت عمرتها أمر بالرحيل، ثم طاف للوداع وتوجّه إلى المدينة، فكان مدّة إقامته بمكّة وأيّام حجّه عشرة أيّام.
وقد أفردنا لصفة حجّه صلّى الله عليه وسلم من الأحكام والشرائع منذ خرج من المدينة إلى حين رجع إليها ما هذا صفته لينتفع به ويأتمّ سامعه.
وأمّا عمره فأربع، وكلّها فى ذى القعدة: عمرة الحديبية، وصدّه المشركون عنها ثم صالحوه على أن يعود من العام المقبل معتمرا، ويخلوا له مكّة ثلاثة أيّام ولياليها، ويصعدون رؤوس الجبال، فحلّ من إحرامه بها، ونحر سبعين بدنة كان ساقها، فيها جمل لأبى جهل فى رأسه برة فضّة يغيظ بذلك المشركين.
وعمرة القصبة من العام المقبل أحرم بها من ذى الحليفة، وأتى مكّة وتحلّل منها وأقام بها ثلاثة أيّام، وكان تزوّج ميمونة الهلاليّة قبل عمرته ولم يدخل بها، فأنفذ إليهم عثمان بن عفّان فقال: إن شئتم أقمت عندكم ثلاثا أخر، وأولمت بكم وعرست بأهلى، فقالوا: لا حاجة لنا فى وليمتك اخرج عنّا! فخرج فأتى سرف، وهى على عشرة أميال من مكّة فعرس بأهله هناك.
وعمرة الجعرانة فى سنة ثمان لمّا فتح مكّة وخرج إلى الطائف فأقام عليها شهرا، ثم تركها ورجع على دجنا، ثم علا على قرن المنازل، ثم علا نخلة حتى خرج (٥٨) إلى الجعرانة، فلحقه أهل الطائف بها وأسلموا، وأحرم صلّى الله عليه وسلم بها