قال عمر: ما هو إلاّ أن سمعت أبا بكر تلاها فصرخت حتى وقعت [إلى](١) الأرض ما حملتنى رجلاى. وعرفت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد مات حقّا.
وتوفّى صلّى الله عليه وله من العمر ثلاث وستّون سنة، وهو المتّفق عليه، وكان له بالمدينة عشر سنين، وغسّله علىّ عليه السّلام والعبّاس والفضل وقثم رضوان الله عليهم، فكان علىّ يسنده إلى صدره، والعبّاس والفضل (٦٦) يقلبونه، وأسامة وشقران يصبّان عليه الماء، ويقال: كان فيهم أوس بن خولى من الخزرج، وكفّن صلّى الله عليه وسلم فى ثلاثة أثواب بيض سحوليّة (٢)، وفرغ من جهازه يوم الثلاثاء، وصلّى عليه النّاس زمرا زمرا بغير إمام، ودخل قبره العبّاس وعلىّ والفضل وقثم وشقران، وقيل أدخلوا معهم عبد الرّحمن بن عوف، وقيل إنّهم اختلفوا فى مكان الدّفن، فقال بعضهم: ندفنه فى مصلاّه، وقال بعض: بالبقيع، فقال أبو بكر رضى الله عنه سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:«ما دفن نبىّ قطّ إلاّ فى المكان الذى توفّى فيه» فدفن فى الموضع الذى قبض فيه، وحفر له مكان فراشه ولحد وأطبق عليه تسع لبنات، وقيل: اختلفوا أيلحد له أم لا، وكان بالمدينة حفّاران أحدهما يلحد، وهو أبو طلحة والآخر لا يلحد وهو أبو عبيدة، فاتّفقوا على أىّ من جاء منهم أوّلا عمل عمله، فجاء الذى يلحد فلحده صلّى الله عليه وسلم.