يوم الاثنين، وقبض يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة من الهجرة النبويّة.
قال ابن إسحاق: فلمّا توفّى صلّى الله عليه وسلم قام عمر فقال: إنّ رجالا يزعمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قدمات، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما مات، ولكنّه ذهب إلى ربّه كما ذهب (٦٥) موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل فيه إنّه مات، والله ليرجعنّ رسول الله كما رجع موسى، وليقطعنّ أيدى رجال وأرجلهم.
قال: فأقبل أبو بكر رضى الله عنه حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر رضى الله عنه يكلّم الناس، فلم يلتفت إلى شئ حتى وصل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى بيت عائشة، فوجده مسجّى فى ناحية البيت، فأقبل حتى كشف عن وجهه الكريم صلّى الله عليه وسلم فقبّله، ثم قال: بأبى وأمّى أنت يا رسول الله، أمّا الموتة التى كتبها الله عزّ وجلّ عليك فقد ذقتها، ثم لن [تصيبك](١) بعدها موتة أبدا، ثم ردّ الثوب-وهى البردة-على وجهه الكريم، ثم خرج وعمر يكلّم الناس، فقال: على رسلك يا عمر، أنصت، فأبى إلاّ أن يتكلّم، فلمّا رآه لا ينصت أقبل على الناس، فحمد الله وأثنى عليه، فلمّا سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، ثم قال: أيّها النّاس من كان يعبد محمّدا فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حىّ لا يموت، ثم تلا:{وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ»}(٢) - الآية، قال: فو الله لكأنّ النّاس لم يعلموا أنّ هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر،