وكان يكثر الذّكر ويقلّ الّلغو ويطيل الصّلاة ويقصّر الخطبة ويستغفر فى المجلس الواحد مائة مرّة، وينام أوّل الليل، ثم يقوم من السحر ثم يوتر، ثم يأتى فراشه، فإذا سمع الأذان وثب، فإن كان جنبا أفاض عليه وإلاّ توضّأ وخرج إلى الصّلاة، وكان يصلّى قائما وربّما صلّى قاعدا، قالت عائشة رضى الله عنها:
لم يمت صلّى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته جالسا. وكان يسمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء وهو فى الصّلاة.
وكان يصوم الاثنين والخميس، وثلاثة أيّام من كلّ شهر، وعاشوراء، وقلّ ما كان يفطر يوم الجمعة، وأكثر صيامه فى شعبان، وكانت تنام عيناه ولا ينام قلبه انتظارا للوحى، وإذا نام نفخ ولا يغطّ غطيطا، وإذا رأى فى منامه ما يروعه قال:«هو الله لا شريك له»، وإذا أخذ مضجعه وضع كفّه اليمنى تحت خدّه، وقال:«ربّ قنى عذابك يوم تبعث عبادك»، وكان يقول:
«الّلهمّ باسمك أموت وأحيا»، وإذا استيقظ قال:«الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».
وكان إذا تكلّم بيّن كلامه حتى يحفظه من جلس إليه، ويعيد الكلمة ثلاثا لينقل عنه، ويخزن لسانه لا يتكلّم فى غير حاجة، ويتكلّم بجوامع الكلام، فضل لا فضول ولا تقصير.
(٧٥) وكان يتمثّل بشئ من الشعر، وكثيرا ما يتمثّل بقول: