للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو بغير ذلك. وكان جلّ ضحكه التبسم، وربّما ضحك لشئ يعجبه حتى تبدو نواجذه صلّى الله عليه وسلم من غير قهقهة.

وما عاب صلّى الله عليه وسلم طعاما قطّ، إن اشتهاه أكله وإن لم يشته تركه، وكان لا يأكل متّكئا ولا على خوان، ولا يمتنع من مباح، ويأكل الهدّية ويكافئ عليها، ولا يأكل الصّدقة ولا يتأنّق فيما كان يأكل، يأكل ما وجد تمرا كان أو خبزا، وإن وجد شواء أكله وإن وجد لبنا اكتفى به، ولم يأكل خبزا مرقّقا حتى مات صلّى الله عليه وسلم.

قال أبو هريرة: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الدّنيا لم يشبع من خبز الشعير، وكان يأتى على آل محمّد الشّهر والشّهران لا يوقد فى بيت من بيوته نار، كان قوتهم التمر والماء، وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد أتاه الله مفاتيح خزائن الأرض، فأبى أن يقبلها واختار الآخرة عليها.

وكان يأتى عائشة فيقول: «عندك غذاء؟» فتقول: لا، فيقول: «إنىّ صائم». فأتاها يوما، فقالت: يا رسول الله: أهدى لنا هدّية، قال: «وماهى؟» قالت: حسيا. قال: «أما إنّى أصبحت صائما»، قالت، ثم أكل وأكل صلّى الله عليه وسلم الخبز بالخلّ، وقال: «نعم الإدام الخلّ»، وأكل لحم الدّجاج، ولحم الحبارى، وكان يحبّ الدّبّاء ويتبعه، ويعجبه الذراع من الشاة، وقال «إنّ أطيب اللحم لحم الظهر»، وقال: «كلوا الزيت وادّهنوا به، فإنّه من شجرة مباركة»، وكان يعجبه التفل، يعنى ما بقى من الطّعام، وكان يأكل بأصابعه الثلاثة ويلعقهم.