للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمّا طافوا الدنيا وصلوا إلى هذه الأرض ورتّبوا على تلك الحدود رجالا مخافة العدوّ فثبتوا هناك فقال الناس: ثبت، ثم طال العهد فجعلوا موضع الثاء المثلثة تاء مثنّاة، قلت: وهذا تفاوت يسير فيما أبدلته العالم وصحّفوه.

قال: والمسلك التبّتى ينسب إلى هذه الأرض، قال: وهو من صرار غزلان تلك البقعة، وهم كغزلان سائر الدنيا وإنّما لهم بابان خارجان من فكّيهما كأنبية الأفيلة، ويتكوّن هذا المسك من دم يعقد فى صرارة كالدمل فإذا انتهى حصل له تآكل فيأتى إلى رؤس الأحجار المحدّدة فتحتك بها فتنفجر عليها وتسيل على تلك الأحجار فيخرجون أهل تلك الديار فيجمعون ما يجدون منه فى البرانى الصينى ويهدونه لملوكهم ورؤسائهم لأنّه أجود ما يكون من المسك، وأمّا ما عداه فإنّهم يصيدون تلك الضباء (١) ويأخذون صرارهم بنوافحها ولم تكن بعد انتهب فيه الموادّ فيكون فى ذلك زهوكة، هذا جميعه ما ذكره المسعودى (٢) فى كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر، وذكر فى ذلك كلام كثير هذا زبدته، وما أحسن ما قال أبو الطيّب المتنبّى (من الوافر):

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإنّ المسك بعض دم الغزال

(٣) قال: (٤) والذى فعل ذلك وأقام الحرس بهذه الأرض تبّع الأوّل، وسيأتى ذكره (٩٣) فى جملة التبابعة إن شاء الله تعالى، وكان ملوك الثبت فى قديم الزمان يسمّون التبابعة تبعا لاسم تبعا فلمّا طال الزمان وحال العهد وانقرضوا سمّوا ملوكهم خاقان.

وقال بطليموس: من خاصّيّة بلاد الثبت والصين: إنّ الإنسان لا يعرف فيها


(١) الضباء: الظباء
(٢) قارن مروج الذهب ١/ ١٨٨ - ١٨٩ مادة ٣٩١ - ٣٩٤
(٣) ديوان المتنبى ٣٩٤، -٢، رقم ١٦٥؛ البيت ٤٥
(٤) قال: سبط بن الجوزى