عنه راض، وولى الخلافة سنة ثلاث عشرة، فى اليوم الذى مات فيه أبو بكر رضى الله عنه بوصيّة من أبى بكر، وكانت سيرته من محاسن السّير، وأنزل نفسه من مال الله تعالى بمنزلة رجل من المسلمين، لم يستأثر بشئ دونهم.
وهو أوّل من دوّن الدواوين فى الإسلام، ونوّر شهر رمضان بصلاة الأشفاع وهو أوّل من تسمّى بأمير المؤمنين، ناداه رجل: يا خليفة الله، قال: ذاك نبى الله داود، قال: يا خليفة رسول الله، قال: ذاك صاحبكم المفقود، قال: يا خليفة خليفة رسول الله. قال: ذاك أمر يطول، أنتم المؤمنون وأنا أميركم.
ويروى أنّه قيل له: يا عمر، فقال: لا تبخس مقامى شرفه، ويقال إنّ المغيرة ابن شعبة أوّل من دعاه بأمير المؤمنين، فقال ذاك إذا، وقيل السبب فى ذلك أنّ عمر كتب إلى عامله بالعراق أن تبعث إلىّ رجلين نبيلين جلدين نسلهما عن العراق وأهله، فبعث إليه لبيد بن ربيعة العامرى وعدىّ بن حاتم الطائى، فأناخا بباب المسجد، فلقيا عمرو بن العاص، فقالا: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فوثب عمرو فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين.
وكان عمر كما وصفه علىّ عليهما السلام، فقال فى كلام ذكر فيه أبا بكر وأثنى عليه، ثم قال: ثم ولى عمر الأمر بعده، بعد أن استشار المسلمين فيه، فكره قوم ورضى قوم، فكنت ممّن رضى فلم يفارق الدنيا حتى رضى به من كان كرهه، فأقام الأمر على منهاج صاحبيه، يتّبع آثارهما كاتّباع الفصيل أمّه، رحيما بالضعفاء ناصرا للمظلومين (١٣٢) قويّا فى حقّ الله وأمره، لا تأخذه فيه لومة لائم، ضرب الله بالحقّ على لسانه، شبهّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بجبريل فى غلظته على الأعداء، والغيظ على الكفّار، فمن أحبّنى فليحبّهما، ومن أبغضهما فقد أبغضنى، وأنا منه برئ.