وروى أنّها قالت لعمر: إيها يا عمر، عهدتك تسمّى عميرا فى سوق عكاظ تزع الصبيان بالعصىّ، فلم تذهب الأيّام حتّى دعيت عمر، ثم لم تذهب الأيّام حتى سمّيت أمير المؤمنين، فاتّق الله فى الرعيّة، واعلم أنّ من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشى الفوت، فقال لها الجارود: قد أكثرت أيّتها المرأة على أمير المؤمنين، فقال له عمر، ثم ذكر ما تقدّم، وقيل إنّ اسم المرأة خولة بنت حكيم، امرأة عبادة بن الصامت، كذلك اختلف فى اسم أبيها، فقيل حكيم وقيل ثعلبة.
مرّ عمر رضى الله عنه بضجنان، فقال: لقد رأيتنى وأنا أرعى غنم الخطّاب فى هذا المكان، وعلىّ مدرعة صوف، وكان والله ما علمت فظّا غليظا يضربنى إذا (١٣٧) قصّرت، ويتعبنى إذا عملت، ثم أصبحت اليوم وأمر أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلم إلىّ، ثم تمثّل:
لا شئ مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الإله ويفنى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
حوض هنالك مورود بلا كذب ... لا بدّ من ورده يوما كما وردوا
قال ابن عبّاس رضى الله عنه (١): قال لى عمر رضى الله عنه: أنشدنى لأشعر شعرائكم زهير، قلت: كيف جعلته أشعر شعرائنا؟ قال: لأنّه كان لا يعاظل بين الكلام، ولا يطلب [وحشىّ الشعر](٢)، ولا يطلب الرجل إلا بما يكون فى الرجال، وقال عمر: أشعر الشعراء من يقول:
فلست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث أىّ الرّجال المهذّب