وقال ناس من الصحابة لعمر رضى الله عنه: ما بال الناس فى الجاهليّة كانوا إذا ظلموا فدعوا يستجاب لهم، ونحن اليوم ندعو فلا يستجاب لنا، وإن كنّا مظلومين؟ فقال عمر: كان ذلك ولا أجر لهم إلاّ ذاك، فلمّا نزل الوعد والوعيد، والحدود والقصاص، والعقود وكلهم الله عزّ وجلّ إلى ذلك.
ومن أجوبته الحسنة أنّه قال: إنّ فى يوم كذا من شهر كذا ساعة لا يدعو الله سبحانه فيها أحد إلاّ استجاب له، فقيل له: أرأيت إن دعا الله عزّ وجلّ فيها منافق؟ فقال: إنّ المنافق لا يوفّق لتلك السّاعة، وقال صلّى الله عليه وسلم: «قد كان فى الأمم (١٣٦) قبلكم محدّثون، فإن يكن فى هذه الأمّة أحد فعمر»، وقال عليه السلام:«لو كان بعدى نبىّ لكان عمر».
وكان عمر شديد الغيرة، قال النبى صلّى الله عليه وسلم:«دخلت الجنّة، فرأيت فيها دارا أو قصرا، وسمعت فيها ضوضأة، فقلت: لمن هذا؟ فقيل: لرجل من قريش، فظننت أنّى أنا هو، فقلت: من هو؟ فقالوا عمر، فلولا غيرتك يا أبا حفص لدخلته»، فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟
خرج عمر رضى الله عنه يوما ومعه النّاس، فمرّ بعجوز فاستوقفته، فوقف لها وجعل يحدّثها وتحدثه، فقال الجارود العبدرى: حبست الناس على هذه العجوز؟ فقال: ويلك، أتدرى من هذه؟ هذه امرأة سمع الله عزّ وجلّ كلامها وشكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة، التى أنزل الله عزّ وجلّ فيها:
«قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله»، والله لو وقفت إلى الّليل ما فارقتها إلاّ إلى الصلاة، ثم أرجع إليها.