المسلمين تفتح بلاد المشركين مؤيّدين من الله تعالى بالنصر المبين، ومصر دار حرب فى يد المقوقس عظيم القبط، وقسمين البطرخ بها، إلى حين ما يأتى ذكر فتحها فى سنة عشرين إن شاء الله تعالى.
وفى هذه السنة بعث سعد أبا موسى الأشعرى إلى نصيبين، وبعث عثمان ابن أبى العاص الثقفى إلى أرمينية، ثم صالح أهلها، ثم كان فتح قيساريّة الروم وقنّسرين، وهرب هرقل ملك الروم إلى روميّة
ثم فتحت الرىّ وإصبهان، ثم كانت وقعة أبى موسى بتستر، ثم وقعته بدست بيسان، فأرسل أبو موسى الأحنف بن قيس إلى عمر رضى الله عنه مع جماعة فأعرض عنهم عمر، وحجبهم ثلاثة أيّام، فمرّ عمر بعد ذلك بالأحنف وهو بالسوق فضربه بالدرة، ثم قال: ما عليك لو جعلت بعض ثمن ثوبيك فى المساكين، فرجع الأحنف إلى أصحابه وقال: إنّما أتينا من قبل ثيابنا، فلبسوا الأردية والأرز، ثم دخلوا عليه، فقال: كنتم أتيتمونى فى ثياب لا أعرفها.
فقدّم إليه الأحنف هديّة من أبى موسى، وهى: برذون وقارورة دهن وخمس نمرات (١) وعشرون سلة من خبيص وسوارى ابن كسرى، وقيمتها مائة ألف دينار، فدعا سراقة فألبسهما إيّاه، وحمد الله تعالى، ثم قال: ألقهما، فإنّهما ممّا أفاء الله على المسلمين، ثم قرّب الأحنف إليه الأسير وهو صاحب مقدّمة (١٥٨) كسرى، فقال عمر رضى الله عنه: الحمد لله الذى أظفرنا الله بك، فقال الأسير: بكلام الأحياء أكلّمك أم بكلام الأموات؟ قال: أو لست حيّا؟