للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطعام على خوان فاجترّه (١) فوضعه على الأرض واستوفز على عقبه، وقال: إنّما أنا عبد آكل كما تأكل العبيد، وأجلس جلسة عبد؟ ثم بكى فقالت: حسبك يا أبتاه!

فقال: أى بنيّة: نشدتك الله هل تعلمين أنّه صلّى الله عليه وسلم يرفع ثوبه ليغسله فيأتيه بلال فيدعوه إلى الصلاة الغداة فينظر فى نواحى البيت فما يجد ما يخرج فيه إلى الصلاة؟ فبكت حفصة حتى كادت نفسها تخرج، ثم قال: أى بنيّة، نشدتك الله هل تعلمين أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر بثوبين يتّخذان له من الحسنة، ففرغ من أحدهما، فدعاه بلال، فلبسه، وقد عقد أحد طرفيه بين كتفيه ليس عليه غيره؟

فبكت حفصة ثم قالت: نشدتك الله يا أبت ألاّ تذكر سوى ما ذكرت، فقال: أى بنيّة، أرأيت لو أنّ ثلاثة سلكوا طريقا، فسلك أوّلهم وهو سيّدهم ثم تبعه الآخر، فسلك طريقه واقتصّ أثره، ثم جاء الآخر فسلك غير طريقهما متى تظنّينه يدركهما؟ قالت: لا يدركهما أبدا، قال: فو الله لئن تبعت غير طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبى بكر لا أدركهما أبدا، فبكى الأحنف وأصحابه وخرجوا.

ثم سأل أهل المدينة الأحنف وأصحابه عن إخوانهم من المسلمين، فقالوا:

إنّهم يهيلون الذهب والفضّة هيلا، فنشط المسلمون إلى الجهاد.

وكان عمر، رضى الله عنه، قد جعل لجرير بن عبد الله ولقومه ربع الغنائم، يضرّيه به على الجهاد، فلما اجتمعت الغنائم أمثال الآطام (٢) (١٦٠) طلب جرير