أرسل (١٧٤) فى طلب ذلك القبطى فوجده قد هلك، فعجب عمرو من كلامه، قال عمرو: فلمّا قتل عمر بن الخطّاب، قلت: هو ما قال القبطى، فلما حدّثت (١) إنّما قتله أبو لؤلؤة رجل نصرانى قلت: لم يعن هذا إنّما عنى من قتله المسلمون فلما قتل عثمان عرفت أنّما قال الرجل حقّ.
قال ابن وهب فى حديثه: فلمّا فرغ القبط من صنيعهم، أمر عمرو بن العاص بطعام، فصنع لهم من الثريد ولحم الأباعر، وجعل الأكارع على وجوه الجفان، وأمر أصحابه بلبس الأكسية، واشتمل الصماء، والقعود على الركب، فلمّا حضرت الروم وضعوا كراسىّ الديباج فجلسوا عليها، وجلست العرب إلى جوانبهم، فجعل الرجل من العرب يلتقم اللقمة من الثريد شبه البعير، وينهش من تلك الأكارع فيتطاير على من إلى جنبه من الروم، فيستغيث الرومى بذلك، وقالوا:
أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل؟ فقيل لهم: أولئك أصحاب المشورة، وهؤلاء أصحاب الحرب (٢).
وروى فتح القصر من وجه آخر فيه طول، فاختصرنا هذا، إذ القصد أن لا يخلو تأريخنا من واقعة جرت بطريق الاختصار، والله الموفق للصواب.
ولمّا طلب المقوقس من عمرو بن العاص رسلا يسمعون كلامه، أنفذ إليه عبادة بن الصامت، وكان شديد السواد، هائل الطول والمنظر، مع جماعة من المسلمين، فلمّا رآه المقوقس هابه وقال: قدّموا غير هذا يكلّمنى! فقالوا: هو