للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر لها قناطرو جسور بتقدير وتدبير، حتى إنّ الماء ليجرى تحت منازلها وأفنيتها، فيحبسونه كيف شاءوا، ويرسلونه كيف شاءوا، فذلك قوله تعالى فيما حكاه من قول فرعون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ»} (١). ولم يكن فى الأرض يومئذ ملك أعظم من ملك مصر، وكانت الجنّات [بحافتى (٢)] النيل، من أولّه إلى آخره، فى الجانبين جميعا، من أسوان إلى رشيد، وبها سبع خلج؛ وهم: خليج الإسكندريّة، وخليج سخا، وخليج دمياط، وخليج منف، وخليج الفيّوم وخليج [المنهى (٣)]، وخليج السردوس، ذات جنّات متّصلة، لا ينقطع منها شئ عن شئ، والزرع ما بين الجبلين، من أولّ حدود مصر إلى آخرها، ممّا يبلغه الماء.

وكان جميع أرض مصر كلّها تروى من ستّة عشر ذراعا، لما قدّروا ودبّروا من قناطرها وخلجانها وجسورها، فلذلك قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ»} (٤)، قالوا: والمقام الكريم: المنابر، التى كان بها ألف منبر.

وأمّا خليج الفيّوم والمنهى فحفرهما يوسف عليه السّلام، والسّردوس حفره هامان وزير فرعون، والله أعلم.