فأوثقه رباطا، وقال: أترغب عن ملّة آبائك إلى دين محمّد، والله لا أحلّك حتى تدع ما أنت عليه، قال: والله لا أدعه أبدا، فلمّا رأى صلابته فى دينه تركه.
وحلفت أمّه أروى ألاّ تأكل له طعاما، ولا تلبس له ثوبا، ولا تشرب له شرابا حتى يدع دين محمّد، وتحوّلت إلى بنت أختها فأقامت حولا، فلمّا يئست منه عادت إلى منزلها.
وهاجر عثمان رضى الله عنه (١٩٩) الهجرتين إلى أرض الحبشة، فرارا من قريش، وكانت معه فى الهجرة الثانية زوجته رقيّة بنت النبى صلّى الله عليه وسلم، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«إنهما لأول من هاجر إلى الله سبحانه بعد إبراهيم ولوط»(١) يريد قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»}(٢).
وكان عثمان رضى الله عنه تاجرا فى الجاهليّة والإسلام، يدفع ماله قراضا، ولم يشهد عثمان بدرا بسبب مرض رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد تقدّم ذكر ذلك (٣)، وتخلّف عثمان عن بيعة الرضوان، وكانت من أجله، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجّهه إلى مكّة فى أمر لا يقوم فيه غيره مقامه من صلح قريش، فأتاه صلّى الله عليه وسلم خبر كاذب بأنّ عثمان قتل، فجمع عليه السّلام أصحابه، وبايعهم على قتال أهل مكّة، وبايع عن عثمان، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، وقال:
«هذه لعثمان»، فكانت يد رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من يد عثمان لنفسه.