فى هلال، وقالت: إنّه شيخ كبير ضائع، لا خادم له، أفأخدمه؟ فأذن لها، قال:
فقيل لى: لو استأذنت أيضا فى امرأتك، فقلت: إنّ هلالا شيخ كبير، وأنا شابّ، فلمّا مضت خمسون ليلة صلّيت الصبح على ظهر بيت من بيوتنا، على الحال التى ذكر الله منّا، وهو قوله تعالى:{ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ»}(١) إذ سمعت صوتا يقول: يا كعب، أبشر! قال: فخررت ساجدا، وآذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم النّاس بتوبة الله عزّ وجلّ علينا حين صلّى الفجر، فذهب النّاس يبشروننا، وركض رجل إلى فرسه، وسعى آخر حتى أوفى على الخيل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فنزعت ثوبىّ، وكسوتهما لمن بشّرنى، وو الله لا أملك غيرهما، واستعرت غيرهما، فأتيت رسول الله، وتلقّانى الناس يبشّروننى بالتوبة، قال: فدخلت المسجد، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس، وحوله النّاس، فقام لى طلحة بن عبيد الله، فهنّأنى، فو الله ما قام إلىّ من المهاجرين رجل غيره.
قال كعب: فقال لى رسول الله ووجهه يبرق من السرور: «أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك»، قال، فقلت: يا رسول الله، أمن عندك، أم من عند الله؟ فقال:«بل من عند الله»! قال كعب: فلمّا جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إنّ من توبتى أن أنخلع من مالى صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال:«أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك»، قلت: إنّى ممسك سهمى