والله ما زنيت فى جاهليّة ولا إسلام، ولا قتلت نفسا بغير حقّها، ولا ابتغيت بدينى بدلا منذ هدانى الله عزّ وجلّ للإسلام، ولا والله ما وضعت يدى على عورتى مذ بايعت بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إكراما ليده.
فلمّا قال لهم ذلك رجع حلماؤهم على سفهائهم، ولم يقلع بعضهم، فنفذ عثمان إليهم المغيرة، فقالوا: ارجع يا فاسق، ارجع يا أعور! فنفذ عثمان عمرو بن العاص، فقالوا: ارجع يا عدوّ الله، لا سلم الله عليك، ارجع يا بن النابغة، فلست عندنا بأمين ولا مؤتمن! فقال لهم ابن عمر: ليس لهم إلاّ علىّ، فبعث إليه، فأتاه فقال: يا أبا الحسن، ائت القوم، فادعهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، قال: نعم، إن أعطيتنى عهد الله وميثاقه على أن تفى لهم بما أضمنه عنك، ففعل.
فلمّا أتاهم قالوا له: وراءك وراءك، قال على: بل أمامى، تعطون ما تحبّون:
كتاب الله، والعتبى (٢٢٩) من كلّ ما سخطتم، فرضوا، وأتى معه أشرافهم حتّى دخلوا على عثمان، وكتب بينهم كتاب، وشهد فيه عبد الله بن عمر، والزبير، وطلحة، وغيرهم، وذلك فى ذى القعدة سنة خمس وثلاثين.
وأشار علىّ عليه السّلام على عثمان رضى الله عنه أن يصعد المنبر ويعتذر، فصعد فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من زلّ فليتب، ومن أخطأ فليتب» وأنا أوّل من اتّعظ، فإذا نزلت فليأتنى أشرافكم، فو الله لو ردّنى إلى الحق عبد أو أمة لا تبعته، وما عن الله مذهب إلاّ إليه.