فسرّ الناس بقوله، ثم جاء مروان [فزجر](١) النّاس، وردّهم عن بابه، ولم يزل بعثمان يفتله فى الذروة والغارب، حتى لفته عن رأيه.
فلمّا كانوا بإيلة وجدوا الكتاب (٢)، وكان مروان كتبه على لسان عثمان، وهو كان كاتبه، فرجعوا عودهم على بدئهم، وأروه الكتاب، فدخل به على عثمان، فقال: أمّا الخطّ فخطّ كاتبى، وأما الخاتم فعلى خاتمى، فقال علىّ: فمن تتّهم؟ قال: أتّهم كاتبى وأتّهمك، فخرج علىّ عليه السّلام مغضبا، وهو يقول:
هو أمرك، ثم جاء المصريّون، فحلف أنّه لم يكتب ولم يأمر، فقالوا: هذا أشرّ يكتب عنك بما لا تعلم؟ ما مثلك يلى أمور المسلمين، فاخلع نفسك من الخلافة.
قال: ما أنزع قميصا قمّصنيه الله سبحانه، فحصر عند ذلك الحصار الثانى، وأجلب عليه محمّد بن أبى بكر الصّدّيق ببنى تيم.
ولمّا حلف عثمان صدّقوه، وعلموا أنّه لا يحلف بباطل، إلاّ أنّهم قالوا: لن تبرأ حتى تدفع إليها مروان، ولمّا حاصروه، ومنعوه الماء، أشرف عليهم فقال:
أفيكم علىّ؟ قالوا: لا، فقال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا، فسكت، ثمّ قال: ألا أحد يسقينا ماء؟ فبلغ ذلك عليّا، فبعث إليه بثلاث قرب (٢٣٠) مملوءة ماء، جرح بسببها عدّة من موالى بنى هاشم وبنى أمية حتّى وصلت إليه، وما كادت تصل إليه.