ثم أشرف عثمان رضى الله عنه يوما على النّاس من داره وهو محصور، فقال: ائتونى بصاحبيكم الّلذين ألّباكم علىّ، فجئ بهما كأنّهما حماران، فقال:
أنشد كما الله، هل تعلمان أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء مستعذب إلاّ بئر رومة، فقال:«من يشترى بئر رومة، فيجعل دلوه فيها مع دلاء المسلمين بخير له منها الجنة؟»، فاشتريتها من صلب مالى، قالا: اللهم نعم، قال: فعلام تمنعوننى أن أشرب من مائها، وأفطر على الماء الملح؟ ثم قال: أنشد كما الله هل تعلمان أنّ المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من يشترى بقعة آل فلان ليزاد فى المسجد بخير منها الجنة؟»، فاشتريتها من صلب مالى، قالا: الّلهمّ نعم، قال: أنشد كما الله، هل تعلمان أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان على [أحد (١)]، أو على حراء، فتحرّك الجبل حتى تساقطت حجارته إلى الحضيض، فركضه برجله وقال:«اسكن، فما عليك إلاّ نبىّ أو صدّيق أو شهيد»، وفى رواية أنه قال ذلك فى المسجد، وفيه علىّ والزبير وطلحة وسعيد، وقال فيه (٢): هل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع مربد آل فلان؟» فابتعته بعشرين ألفا، فهل علمتم أنّ أحدا منع أن يصلّى فيه غيرى؟ وقال فيه: هل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم نظر فى وجوه القوم فقال: «من جهز هؤلاء؟» يعنى جيش العسرة-فجهّزتهم حتى لم يفتقدوا عقالا ولا خطاما، فقالوا: الّلهمّ نعم.