ولمّا اشتدّ حصار عثمان قال له سعيد بن العاص: أنا أشير عليك أن تحرم وتلبى، وتخرج فتأتى مكّة، فلا يعرض لك ولا يقدم عليك، فبلغهم (٢٣١) ذلك فقالوا: والله لئن خرج لا فارقناه، حتى يحكم الله بيننا وبينه.
ثم كتب عثمان إلى عبد الله بن عامر بن كريز ومعاوية، وأعلمهما أنّ أهل البغى والعدوان عدوا عليه وأحاطوا به، وهم يطلبون قتله أو خلعه، وأمرهما أن ينجداه برجال ذوى بأس ونجدة ورأى، فوجّه إليه ابن عامر مجاشع بن مسعود السلمى فى خمسمائة، ووجّه إليه معاوية حبيب بن مسلمة الفهرى فى ألف فارس، وبلغ أهل مصر ومن معهم من أهل العراق المحاصرين له فعاجلوه.
ويقال: إنّ معاوية أمدّه بأربعة آلاف مع يزيد بن أسد بن كريز البجلى، فتلقاه الناس بمقتل عثمان، فرجع وقال: لو دخلت المدينة وعثمان حىّ ما تركت بها محتلما إلاّ قتلته، لأنّ الخادل والقاتل سواء.
وكان أشار المغيرة على عثمان أن يأمر مواليه ومن معه بالدخول فى السلاح فقعل، ثم أمر مواليه بإلقاء السلاح والانصراف عنه.
فقال الوليد بن عقبة بن أبى معيط:
وكفّ يديه ثم أغلق بابه ... وأيقن أنّ الله ليس بغافل
وقال لأهل الدار لا تقتلوهم ... عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله ألقى عليهم ال ... عداوة والبغضاء بعد التّواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده ... عن النّاس إدبار المخاض الحوامل
وانتدب لنصرة عثمان قطن بن عبد الله بن الحصين الحارثى، فقال له عثمان رضى الله عنه: انصرف محمودا راشدا، وأنا أكلهم إلى الله عزّ وجلّ، ولا