لو يقال إن عثمان رضى الله عنه أخذ يوم الدار الحربة ليقاتل بها، فنودى من السماء: مهلا يا عثمان. فرماها من يده، ورفع كنانة بن بشر التجيبى عمودا من حديد، فضربه على جبهته فخرّ إلى الأرض، وضربه سودان المرادى بالسّيف، فكانت أوّل قطرة قطرت من دمه على المصحف، على قوله تعالى:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»}(١)، ودخل رومان عليه وفى يده خنجر، فقال له: على أىّ دين أنت يا نعثل؟ فقال: لست بنعثل، ولكنّى عثمان، فقال: على أىّ دين أنت؟ فقال: على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين، وقعد عمرو ابن الحمق على صدره فوجأه (٢) تسع وجآت بمشاقص كانت معه، وجاء علىّ عليه السّلام مستعجلا، حتى دخل على امرأة عثمان فقال لها: من قتله؟ قالت: لا أدرى دخل عليه رجلان لا أعرفهما إلاّ إذا أريتهما، وكان محمّد بن أبى بكر معهما.
(٢٣٦) قال: ولمّا رآه عثمان قال: لو رآك أبوك لساءه مكانك منّى، فتراخت يده عنه، فخرج تائبا، وكان يقول: والله ما قتلته ولا أمسكته، وقتله الرجلان، وصرخت امرأته، فلم يسمع صراخها لما كان فى البيت من الجلبة والغوير (٣)، فصعدت سطح الدار وقالت: قتل أمير المؤمنين! فدخل الحسن والحسين عليهما السلام فوجداه مذبوحا.
وروى أنّه لمّا دخلوا على عثمان قامت امرأته فأدخلته بينها وبين ثيابها، وكانت جسيمة، فأدخل رجل من أهل مصر سيفا مصلتا بينها وبين ثيابها،