فو الله ما بقى إلاّ النار، قال أبو قلابة: فهممت أن أطأه برجلى، ثم قلت: بعدا لك وسحقا.
ولمّا وقعت ضربة على يد عثمان رضى الله عنه فقطعتها، قال عثمان: أما والله إنّها لأوّل يد خطت المفصل.
ودعت عائشة رضى الله عنها على أخيها محمّد بن أبى بكر بما ارتكب من عثمان، فقالت: الّلهمّ اقتل مذّمما قصاصا لعثمان، وارم الأشتر بسهم من سهامك لا يشوى، وكان الأشتر ممّن ألبّ على عثمان، وأجلب عليه، وأرد عمّارا بحفرته فى عثمان، فأجاب الله دعاءها فى جميعهم.
وبقى عثمان فى بيته مقتولا يومين أو ثلاثة، وقيل بل يوما وليلة، حتى حمله أربعة رجال، منهم جبير بن مطعم، وامرأة، ولمّا جاءوا ليصلّوا عليه منعوهم، فقال أبو الجهم: إن لا تدعونا نصلّى عليه فقد صلّت عليه الملائكة، ثم صلّى بهم جبير بن مطعم، وحملت أمّ البنين بنت عيينة امرأة عثمان السراج بين أيديهم، وحمل عثمان على باب من جريد، ولقيهم قوم فقاتلوهم حتى طرحوه، فجاء عمير ابن ضابئ البرجمى، فتوطّأ بطنه وهو يقول: ما رأيت كافرا ألين بطنا منه، وكان أبوه ضابئ اندسّ ليتوجّأ عثمان، ويفتك به، ففطن به، فحبسه عثمان فقال وهو محبوس:
(٢٣٨) هممت ولم أفعل وكدت وليتنى ... تركت على عثمان تبكى حلائله
وما الفتك إلاّ لا مرئ ذى حفيظة ... إذا ريع لم ترعد لجبن مفاصله