قطعت عليه سبعون يدا، وشكّت السهام الجمل حتى صار كأنّه جناح نسر، وأخذ بزمامه رجل من بنى ضبّة وهو يقول:
نحن بنو ضبّة أصحاب الجمل ... الموت أحلى عندنا من العسل
ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل ... ردّوا علينا شيخنا ثم بجل
ولمّا عقر الجمل، احتمل الهودج حتى وضع بين يدى علىّ، فأمر به فأدخل فى منزل عبد الله بن بديل، وكان الذى احتمله محمّد بن أبى بكر، أخا عائشة، وعمّار ابن ياسر، وكان علىّ قد دنا من الهودج، ولمّا سار إليه، فكلّم عائشة، فقالت له: ملكت فأسجح، فجّهزها وأحسن جهازها، وبعث معها أربعين امرأة، ويقال: جهّز معها سبعين امرأة، أكثرهم من نساء همدان، فلم يزالوا معها حتّى قدمت المدينة.
قال الشاعر ممّن شهد الجمل:
شهدت الحروب فشيبننى ... فلم ترعينى كيوم الجمل (١)
أشدّ على مؤمن فتنة ... وأقتل منه لخرق بطل (٢)
فليت الظعينة فى بيتها ... وليتك عسكر لم ترتحل
كنى بعسكر عن الجمل إذ كان اسمه.
قال قتادة: قتل يوم الجمل مع عائشة رضى الله عنها عشرون ألفا، منهم ثمانمائة من بنى ضبّة، وقتل من أصحاب علىّ خمسمائة.