قال الحارث بن سويد، وكان يوم الجمل فى عسكر طلحة: والله ما رأيت مثل يوم الجمل، لقد أشرعوا رماحهم فى صدورنا، وأشرعنا رماحنا فى صدورهم، فلو شاءت الرجال أن تمشى عليها لمشت، يقول هؤلاء: لا إله إلاّ الله والله أكبر، ويقول الآخرون كذلك، فو الله لوددت أنّى لم أشهد الجمل، وأنّى أعمى مقطوع اليدين والرجلين.
وقال عبد الله بن سلمة: ما يسرّنى أن غبت عن ذلك اليوم، ولا عن مشهد شهده علىّ رضى الله عنه بحمر النعم.
وكان اسم جمل عائشة عسكرا، وكان يعلى بن منية وهبه لها، وجعل لها هودجا من حديد، وجهّز من ماله خمس مائة فارس بأسلحتهم وأزوادهم، وكان يعلى بن منية أكثر أهل البصرة مالا.
وكان علىّ يقول: بليت بأنضّ النّاس، وأنطق النّاس، وأطوع النّاس فى الناس (١)، يريد بأنضّ النّاس يعلى بن منية كان أكثرهم ناضا (٢)، ويريد بأنطق الناس طلحة بن عبيد الله، وبأطوع النّاس فى النّاس عائشة رضى الله عنها، وروى أنّ عليّا كان يقول: بليت بأشجع النّاس، يعنى الزبير، وأسخى الناس، يعنى طلحة.
وكان كعب بن سور ممسكا زمام الجمل، فأتاه (٢٦٠) سهم فقتله، فتعاقد النّاس الزّمام، كلّما أخذه واحد قتل، حتّى عدّ من قتل الزّمام سبعون رجلا، وقيل