وكتبت عائشة إلى أمّ سلمة رضى الله عنها كتابا تقول فيه: ولنعم المطلع مطلع فرّقت فيه بين فئتين متشاجرتين، فإن أقعد فعن غير حرج، وإن أمض فإلى ما لا غنى لى عن الازدياد منه.
وخطب علىّ عليه السّلام يوم الجمل، فقال فى خطبته، بعد حمد الله تعالى والصلاة على نبيه صلّى الله عليه وسلم: أمّا بعد، فإنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّدا صلّى الله عليه وسلم إلى الثقلين كافّة، والناس فى اختلاف، والعرب بشرّ المنازل، فرأب الله به الثأى، ولأم به الصدع، ورتق به الفتق، وأمّن به السّبل، وحقن به الدماء، وقطع به العداوة الواغرة للقلوب، والضغائن المخشّنة للصدور، ثم قبضه الله إليه مشكورا سعيه، مرضيّا عمله، مغفورا ذنبه، كريما عند الله نزله، فيالها مصيبة عمّت المسلمين، وخصّت الأقربين، وولى أبو بكر رضى الله عنه فسار بسيرة رضيها المسلمون، ثم ولى عمر فسار بسيرة أبى بكر رضى الله عنهما ثم ولى عثمان، فنال منكم ونلتم منه، حتّى إذا كان من أمره ما كان، أتيتموه فقتلتموه، ثم أتيتمونى فقلتم: بايعنا، فقلت:
لا أفعل، وقبضت يدى، فبسطتموها، ونازعتكم بكفّى، فجذبتموها، وقلتم:
لا نرضى إلاّ بك، ولا نجتمع إلاّ عليك، (٢٥٩) وتداككتم علىّ تداكّ الإبل الهيم على حياضها يوم وردها، حتى ظننت أنّكم قاتلىّ، أو بعضكم قاتل بعضا، فبايعتمونى على الأمر، وبايعنى طلحة والزبير، فما لبثا أن استأذنانى إلى العمرة، فصارا إلى البصرة، ففعلا بها الأفاعيل، وهما يعلمان والله أنّى لست بدون واحد ممّن مضى، ولو أشاء أن أقول لقلت: الّلهمّ إنّهما قطعا قرابتى، ونكثا بيعتى، وألّبا علىّ عدوّى، الّلهمّ فلا تحكم لهما ما أبرما، وأرهما المسألة فيما عملا وأمّلا.