يأمرك بسرعة الأوبة، والتأهّب للخروج إلى المدينة، قالت: أبيت ما قلت وخالفت ما وصفت، قال: فمضى فأعاد ذلك على علىّ عليه السّلام، فردّه إليها، وقال: قل لها إن أنت أبيت تعلمين (١)، فلمّا أخبرها أنعمت، وأجابت إلى الخروج.
قال: وأتاها علىّ عليه السّلام فى اليوم الثانى، وبصحبته الحسن والحسين، صلوات الله عليهما، مع بقيّة أولاده وأولاد إخوته، وفتيان من بنى هاشم وغيرهم من شيعته، فلمّا أبصرته النساء صحن فى وجهه، وقلن له: يا قاتل الأحبّة! فقال:
لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت من فى هذا البيت، وأشار إلى بيت من تلك البيوت قد اختفى فيه مروان بن الحكم، وعبد الله بن عامر، وعبد الله بن الزبير وغيرهم، فضرب من معه بأيديهم إلى قوائم سيوفهم لما علموا بمن فى البيوت مخافة أن يخرجوا عليه فيقتلوه.
فقالت له عائشة، بعد كلام كثير جدّا بينهما، أضربت عنه: أحبّ أن أقيم معكم، فأسير إلى قتال عدوّك عند مسيرك، فقال لها: بل ترجعى إلى البيت الذى أمرك بلزومه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألته أن يؤمّن عبد الله بن الزّبير (٢)، قال:
قد أمّنته، ثم أمّن الوليد بن عقبة، وجميع ولد عثمان، وغيرهم من بنى أميّة، ثم أمّن الناس جميعا، وقد كان نادى يوم الوقعة: من ألقى سلاحه فهو آمن، [ومن دخل داره فهو آمن](٣).