قال الطبرى: وخرجت عائشة من البصرة يوم السبت لعشر من رجب (١)، سنة ستّ وثلاثين هجريّة، وشيّعها علىّ بنفسه أميالا.
(٢٧٤) قال الطبرى (٢): ولما فرغ علىّ عليه السّلام من بيعة أهل البصرة أمّر عليها عبد الله بن عبّاس، ثم سار إلى الكوفة، فدخلها لاثنتى عشرة ليلة بقيت من رجب، ودخل إلى بيت المال فى جماعة من المهاجرين والأنصار، فنظر إلى ما فيه من العين والورق، فجعل يقول: يا صفراء غرّى غيرى، يا بيضاء غرّى غيرى، وأدام النظر إلى المال مفكّرا، ثم قال: اقسموه بين أصحابى، ومن معى، خمس مائة خمس مائة، ففعلوا فما نقص درهم ولا زاد درهم، وكان عدد من قسم عليهم اثنى عشر ألفا.
وكان قد بعث إلى مصر قيس بن سعد أميرا، حسبما ذكرنا.
قال الطبرى (٣): وكان معاوية وعمرو بن العاص رضى الله عنهما جاهدين على إخراج قيس بن سعد من مصر، ليغلبا عليها، وكان قيس شديد النكاية، حسن التدبير، صاحب دهاء، ومكايدة للأعداء، فلم يقدرا عليه بحيلة من الحيل، حتى كاد معاوية قيسا من جهة علىّ عليه السّلام.
وذلك أنّ معاوية كان يجد رجالا من ذوى الرأى من قريش، فيقول:
ما ابتدعت مكايدة تطّ كانت أعجب عندى من مكايدة كدت بها قيس بن سعد من قبل علىّ بن أبى طالب، وذلك أنّى كنت أقول لأهل الشّام: لا تسبّوا قيسا،