طوائف الناس فى مراتبهم [فيحثّهم](١)، ويحرّضهم على القتال والحرب، وهو على بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم الشهباء، وخرج معاوية فى رؤساء أهل الشام، فكان بينهما قتال شديد إلى آخر النهار، وانصرفوا عند المساء، وكلّ غير ظافر.
وكذلك خرج فى اليوم التاسع، وهو يوم الخميس، علىّ عليه السّلام ومعاوية رضى الله عنه فاقتتلوا إلى ضحوة نهار، وبرز أمام الناس عبيد الله بن عمر ابن الخطّاب، فى أربعة آلاف من [الخضريّة](٢)، وابن عمر يتقدّمهم، فناداه علىّ عليه السّلام: ويحك يا ابن عمر، على ماذا تقاتلنى؟ فو الله لو كان أبوك حيّا ما فعله، قال: أطلب بدم عثمان، فقال: أنت تطلب بدم عثمان من غير قاتله، والله يطلبك بدم الهرمزان، إذ أنت قاتله بيدك ظلما وعدوانا، وأمر علىّ الأشتر بالخروج إليه، فانصرف عنه عبيد الله ولم يقاتله، وكثرت القتلى يوم ذاك، فقال عمّار بن ياسر: إنّى أرى وجوها لا يزالون يضاربون حتى يرتاب المبطلون، والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا شعبات (٣) هجر لكنّا على الحقّ، وكانوا على الباطل، ثم تقدّم عمّار بن ياسر رضى الله عنه فقاتل قتالا شديدا، ثم رجع إلى (٢٩٦) موضعه، فاستسقى فأتته امرأة من نساء بنى شيبان من مصافّهم، بعسّ فيه لبن، فدفعته إليه، فقال: الله أكبر، اليوم التقى الأحبّة تحت الأسنّة، صدق الصادق، وبذلك أخبرنى الناطق، هذا اليوم الذى وعدت فيه.