قال: ثم أحضر عبد الله بن الزبير. فلما رآه قال: ثعلب روّاغ كلما سد عليه جحر خرج من حجر، يابن الزبير! نفخت فى مناخر هؤلاء وحملتهم على غير دأبهم. فاتق الله ولا تكن مستاقا! فقال بن الزبير: يا معوية، ما كان عليه السلف من الأخيار والشورى، فنحن عليه. فقال معوية: امسك لسانك يا هذا، واحذر أهل الشام على نفسك. فإذا خلوت منى فقل ما أحببت، فإنى محتملك بخلاف الغير. ثم أمر لهم بجوايز جزيلة ولساير بنى هاشم. فكل قبل ذلك إلا الحسين عليه السّلام فإنه لم يقبل منها شئ. فلما كان من الغد أوصى معوية أهل الشام بما أحب.
ثم خلى بالأربعة وعاودهم فى أمر البيعة ليزيد. فقال الكل عن لسان واحد: افعل، يا معوية كما فعل رسول الله وأبى بكر وعمر وعلىّ، لم يستخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحد، وترك أبو بكر أولاده، وتركها عمر شورى بين ستة، وتركها على شورى بين المسلمين. فاختاروا لهم الحسن. فلما ياس منهم صعد المنبر بعدما جمع أهل الشام إليه، وأجلس الأربعة بين يديه وقال: أيها الناس إن هؤلاى قد قيل عنهم إنهم لم يبايعوا لولدى يزيد. وها هم عندى سادة المسلمين وقد بايعوا وأطاعوا.
فلم يستتم كلامه حتى شهروا أهل الشام سيوفهم وقالوا: يا أمير المؤمنين، ما الذى تعظمه من هؤلاء الأربع، أتأذن لنا فى ضرب رقابهم؟ فإنا لا نقنع