بالنار واستخفيت. ووصل الحصين إلى مكة وخرج إليهم أصحاب ابن الزبير واقتتلوا، وكان فيهم رجل سمى المختار، وكان يوميذ أشد على الناس فى القتال. فانهزم أهل مكة حتى دخلوا المسجد الحرام، وأخذ عليهم الحصين الطريق ونصب المناجنيق على البيت، فرموه بالنيران، فاحترقت الأبواب وتفلقت الحجار وصارت كأنها حبس أو جير.
وعن محمد بن خالد قال: رأيت ابن الزبير يصلى عند الحجر فجاءه حجر من ورايه ففحص برجله ولم يتحرك من مكانه حتى قضى صلاته، وكان يوميذ بمكة أربع ماية رجل من الخوارج، فلما رأو ما صنع بالبيت، خرجوا فقاتلوا حتى قتلوا جميعا، وقتل من أهل الشام خلق كثير، وجعل أهل الأردن يرمون البيت بالمنجنيق، وكان اسم المنجنيق أبو فروة، وعادوا أهل الأردن يقولون:
حجارة مثل الموج المزبد، نرمى بها عباد أهل المسجد.
فأرسل الله سبحانه على المنجنيق صاعقة من السماء فأحرقته، وأحرقت معه اثنى عشر رجلا، وثبت ضوء تلك الصاعقة بمكا [ن] فكان أهل (٧٨) مكة والشام لا يستطيعون أن يفتحوا عيونهم، ولم تزل كذلك حتى أحرقت ذلك المنجنيق ومن حوله من النفر. فلما احترقوا ذهب الضوء. فلمّا رأو أهل الشام هذه الموعظة قال بعضهم لبعض: إن ابن الزبير على الحق فصار كثير منهم زبيريا، وصبر بعضهم على القتال، وصبر لهم أهل مكة، فبينما الناس على