مثل ذلك من القتال إذ أقبل راكب من أهل الشام يخبر بموت يزيد بن معوية.
فأمسكوا عن القتال، وتوادع القوم بعضهم بعضا، ومشت السفراء بينهم على أن يكون الكف بينهم عن القتال ويعتمروا أهل الشام بناحية مكة، ودخل الحصين بن نمير على عبد الله بن الزبير فقال له: يابن الزبير، هل لك أن أحملك إلى الشام ونبايع لك بالخلافة؟ فقال بن الزبير مجهرا بصوته: أبعد قتل أهل الحرمين لا والله أو أقتل بكل رجل خمسة من أهل الشام. فقال له ابن الحصين: قبّح الله من يزعم أنك داهية، والله ما أنت كذلك وأراك رجلا معجبا بنفسه، أنا أناجيك سرا وأنت تناجينى جهرا وترفع صوتك، وأدعوك أن أستخلفك فتزعم أنك تقاتل، والله إنها لولا ما تصلح إلا فى رجل من قريش وأردت لها رجلا من قومى لفعلت، ولكن لا حاجة لنا فيك بعدها. فلما خرج من عنده ندم على ما فعل وقالوا له قومه: لبيس ما صنعت، والله لو صبرت على نفسك ساعة لوردت الشام خليفة وما اختلف عليك اثنان. فندب ابن الزبير رجالا يتلقون الحصين ويسألوه الرجوع إلى بن الزبير. فأبا وقال: لا حاجة لنا به، هذا رجل شديد العجب بنفسه، كبير الكبر.
وكان احتراق الكعبة يوم السبت لثلاث ليال خلون من ربيع الأول سنة أر [بع وستين] وتوفى يزيد بن معوية يوم الثلثاء لأربعة عشر ليلة خلت (٧٩) من ربيع الأول. ثم إن عبد الله بن الزبير لمّا رأى البيت الحرام وما
(١٥ - ١٦) يوم. . . ستين: انظر تاريخ الطبرى ٢/ ٤٢٧
(١٦ - ١٧) يوم. . . الأول: انظر تاريخ الطبرى ٢/ ٤٢٧ - ٤٢٨؛ الكامل ٤/ ١٢٥