لا تنحّنى عنك فإنى لا آمن عليك. فاجعلنى قريبا منك. فقال المصعب إن أهل البصرة قد أبوا أن يسيروا معى لقتال عبد الملك، إلا أن أبعثك إلى الخوارج خشية من الحرورية لا يطرقوا ديارهم فى غيبتهم معى.
فقال: لست آمن غدرهم بك.
وكان أهل البصرة قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم، ولم يبق منهم من لم يكاتبه إلى المهلب. وسار عبد الملك إلى المصعب، وسار المصعب إليه. فلما اصطفوا للقتال مالوا إلى عبد الملك، وبقى المصعب فى خفّ من الناس. فقال المصعب لابنه عيسى: يا بنى، انصرف فإنى أخاف عليك. قال: والله يا به، لا أخبرت قريشا عن مصرعك أبدا. فقال: يا بنى، تقدم إذا. فتقدّم وقتل. وأقبل عبيد الله بن ظبيان راكبا إلى مصعب وكان قد عاد راجلا، فطعنه فقتله ونزل فاحتزّ رأسه. ثم أتى عبد الملك فوضعه بين يديه وقال <من الطويل>:
نعاطى الملوك الحقّ ما قسطوا لنا ... وليس علينا قتلهم بمحرّم
فخرّ عبد الملك ساجدا. فكان ابن ظبيان يقول بعد ذلك: ما ندمت على شئ قط ندامتى على أن لا أكون ضربت رأس عبد الملك حين سجد وأرحت الناس منهما جميعا، وأكون قد قتلت أفتك الناس بأشجع الناس وفتكت بملكى العرب.
وكان عبد الله بن أبى فروة مع المصعب (١١٣) حين قتل فهرب إلى عبد الله بن الزبير، فجعل فيه عبد الملك لمن يردّه ماية ألف درهم ف [لم يلح] ق. فلما وصل ابن أبى فروة إلى عبد الله بن الزبير قال له: أخبرنى عن الناس. قال: يا أمير المؤمنين، خرجنا مع المصعب حتى رأينا عبد الملك