لعبد الملك: يا أمير المؤمنين، أوص هذا الغلام الثقفى بالكعبة، ومره لا ينفّر أطيارها، ولا يهتك أستار أحجارها، وأن يأخذ على بن الزبير شعابها وأنقابها، حتى يموت فيها جوعا، أو يخرج منها مخلوعا. فقال عبد الملك للحجاج: كذلك فافعل.
وحاصر الحجاج لابن الزبير ونصب المنجنيق على أبى قبيس.
وكانت مدة الحصار ستة أشهر، وهو الحصار الثانى. وحج فى هذه السنة عبد الله بن عمر، فأرسل إلى الحجاج أن اتّق الله عز وجل واكفف هذه الحجارة عن الناس فإنك فى شهر حرام وبلد حرام. وقد قدمت وفود الله يضربون آباط الإبل ويمشون على أقدامهم من أقطار الأرض ليؤدّوا فريضة الله عز وجل. فكف الحجاج عن الرمى ولم يعرض ابن الزبير للحاج، ونادى الحجاج فى الناس بعد فراغهم أن انصرفوا إلى بلادكم فإنّا نعود على الملحد بالمنجنيق. وسأل الحجاج ابن الزبير أن يطوف بالبيت فلم يأذن له ولم يأذن الحجاج أيضا لابن الزبير أن يقف بعرفة. وكان عبد الملك قد أنكر رمى البيت فى أيام يزيد. ثم أمر الحجاج بذلك، فتعجب الناس منه وقالوا: خذل فى دينه. وجاع أهل مكة حتى نحر ابن الزبير فرسه وأطعمه الناس، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، وبلغ مدّ الذرة عشرين درهما وبيوت (١٢٥) بن الزبير مملوة برّا وشعيرا وذرة وتمرا.
هذا ما رواه صاحب كتاب التذكرة الحمدونية، وفيه شئ من المناقضة، فإنه قال أولا إن بن الزبير احتاج حتى ذبح فرسه وأطعمه للناس. ثم قال:
(١٨) صاحب. . . الحمدونية: انظر هنا ص ١٠٣، الهامش الموضوعى، حاشية سطر ١٣