وقال ابن أبى مليكة: ما ما رأيت أحدا أحسن مناجاة لربّه من بن الزبير.
فلما كان اليوم الذى قتل فيه جاء إلى أمه وعليه درعه ومغفره، فودعها وقبّل يدها وخرج. فقاتل أشد قتال، وقتل صاحب علمه وانكشف الناس عنه، وقاتل بغير علم، وشحنت الأبواب بأهل الشام فأصابته رمية فد [ك]، فصاحت زوجته: وأمير المؤمنيناه. وقيل إن أصحاب الحجاج لما شدوا عليه قال: أين أهل مصر؟ فقيل: هم هؤلاء. فقال لأصحابه:
اكسروا أغماد سيوفكم. ثم حمل فكان يضرب بسيفين فهزمهم. ثم حمل أهل حمص من باب بنى شيبة. فسأل عنهم فقيل: أهل حمص. فشد عليهم حتى أخرجهم من المسجد، ويقول <من الرجز>:
لو كان قرنى واحدا كفيته ... أوردته الموت وقد دكّيته
ثم جاءه حجر من ناحية الصفا فضربه بين عينيه فنكس رأسه (١٢٧) وهو يقول <من الطويل>: ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا، البيت. ثم حمل موليان له وأحدهما يقول: العبد يحمى ربّه ويحتمى. ثم دخلوا عليه فلم يزالوا يخبطوه بالسيوف حتى قتلوه. ولما فرغوا من قتله كبروا تكبيرة واحدة فقال بن عمر رضى الله عنه: التكبير يوم ولد خير. ثم أخذ وصلب.
ودخل الحجاج مكة، وسير بالفتح لعبد الملك، وسير برأس عبد الله إليه.
(١١) لو. . . دكّيته: هذا البيت ناقص فى أنساب الأشراف ج ٥ ولكن ورد الصدر فى تاريخ الطبرى ٢/ ٨٤٩؛ العقد الفريد ٤/ ٤١٦