قال: فجاات به شئ حيرنى وأذهلنى طربا لحسن الغناء وسرورا باختيارها الغناء فى شعرى. ثم قالت: خذى عافاك الله فى قول أبى محجن عافا الله أبا محجن. فقالت <من البسيط>:
يأيّها الرّكب إنّى غير تابعكم ... حتى تلمّوا وأنتم بى ملمّونا
فما أرى مثلكم ركبا كشكلكم ... يدعوهم ذو هوا لا يعودونا
أو خبّرونى عن دايى بعلمكم ... وأعلم الناس بالداء الأطبّونا
قال نصيب: فو الله لقد زهوت لما سمعت زهوا خيّل لى أنى من قريش وأن الخلافة لى. ثم قالت: حسبك يا بنيّة، هات الطعام، يا غلام! فوثب الأحوص وكثيّر وقالا: والله لا نطعم لك طعاما ولا نجلس لك فى مجلس فقد أسأت عشرتنا واستخففت بنا، وقدمت شعر هذا على أشعارنا، واستمعت الغناء فيه، وإن فى أشعارنا لما يفضل شعره، وفيه من الغناء ما هو أحسن من هذا. فقالت: على معرفة والله كل ما كان منّى من غير جهل بكم، ولا أذنت لكم إلا بعد معرفتى بكم، وأىّ شعركما أفضل من شعره؟ أقولك يا أحوص <من الطويل>:
يقرّ بعينى ما يقرّ بعينها ... وأحسن شئ ما به العين قرّت
(١) شئ: فى الأغانى ١/ ٣٥٩: «فجاءت والله بشئ»، انظر أيضا الأغانى ١/ ٣٥٩ حاشية ٣
(٥) يعودونا: فى الأغانى ١/ ٣٥٩؛ شعر نصيب بن رباح ص ١٣٨:«يعوجونا»