فبينا الحجاج يكلمه إذ جاءت جارية فسارّته وانصرفت. فقال الوليد للحجاج: أتدرى ما قالت هذه الجارية، يا با محمد؟ قال: لا يامير المؤمنين. قال: بعتثها أم البنين ابنة عمى عبد العزيز بن مروان، فقالت:
وما مجالستك هذا الأعرابى المستليم فى سلاحه. فأرسلت إليها أنه الحجاج بن يوسف، فراعها ذلك وقالت: والله ما أحبك أن تخلوا به، وقد قتل الخلق وسفك الدماء. فقال الحجاج: دع عنك مفاكهة النساء بزخرفة المقال، فإنما المرءة ريحانة وليست بقهرمانة، لا تطلعهن على سرّك ولا تشغلهن بغير أنفسهن. ثم نهظ وخرج ودخل على الوليد أم البنين فأخبرها بمقالة الحجاج. فقالت: يا أمير المؤمنين أريد أن تأمره غدا بالتسليم عليّ، فقال: أفعل. فلما غدا الحجاج على الوليد أمره بالتسليم على أم البنين. فاستعفاه، فلم يعفه، ومضى إليها فحجبته. ثم أذنت له، فدخل فتركته (١٦٦) قايما ولم تأذن له فى الجلوس. ثم قالت له: يابن أم حجاج، أنت الممتنّ على أمير المؤمنين بقتلك بن الزبير وبن الأشعث، أما والله لولا أن الله أعلم أن أهون خلقه عليه أنت ما ابتلاك برمى الكعبة
(٤) المستليم. . . سلاحه: فى مروج الذهب ٣/رقم ٢١١٨: «المتسلّح فى السلاح وأنت فى غلالة»
(٨) بغير أنفسهن: فى مروج الذهب ٣/رقم ٢١١٨: «بأكثر من زينتهن» //دخل على الوليد: فى مروج الذهب ٣/رقم ٢١١٨: «دخل الوليد إلى»
(١٤) أعلم. . . أنت: فى مروج الذهب ٣/رقم ٢١١٩: «علم أنك أهون خلقه»