وروى أبو الفرج صاحب كتاب الأغانى أن عمر بن أبى ربيعة وبن سريج أتيا أيام الحج، وهما فى أحسن هية وأبها زى. ونزلا إلى كثيب على خمسة أميال من مكة مشرف على الطريق الآخذة إلى المدينة والشأم والعراق، وصارا إليه وأكلا وشربا. فلما انتشيا أخذ بن سريج الدّفّ فنقره وجعل يتغنى، وهم ينظرون إلى الحاجّ. فلما أمسيا رفع بن سريج صوته فغنى فى شعر عمر بن أبى ربيعة. فسمعه الركبان، فجعلوا يصيحون به:
يا صاحب الصوت أما تتّقى الله عز وجل! قد حبست الناس عن مناسكهم! فيسكت قليلا، حتى إذا مضوا رفع صوته وقد أخذ منه الشراب، فيقف آخرون، إلى أن وقف عليه فى الليل رجل على فرس عتيق عربى مسن كأنه ثمل، حتى وقف بأصل الكثيب، وثنى رجله على قربوس سرجه. ثم نادا: يا صاحب الصوت، أيسهل عليك أن تردّ شيا ممّا سمعته منك؟ قال: نعم ونعمة عين، وأيّها تريد؟ قال: تعيد علىّ <من الطويل>:
ألا يا غراب البين ما لك كلّما ... علوت بفقدان علىّ تحوم
أبا البين من عفراء أنت مخبّرى ... عدمتك من طير فأنت مشوم
(١ - ٤،٢٧٤) عمر. . . معوية: ورد النص فى الأغانى ١/ ٢٥٨ - ٢٥٩،٢٦١ - ٢٦٦
(٤) الدّف: انظر الأغانى ١/ ٢٦٢ حاشية ٢
(٩) عتيق: انظر الأغانى ١/ ٢٦٢ حاشية /٤/مسن: فى الأغانى ١/ ٢٦٢: «مستنّ»، انظر هناك حاشية ٥