عجّل به. فأحضره كأنما حشى حشوا، فأكله عن آخره ولم يشارك فيه. ثم قال: ما عندك أيضا؟ فقال: أربع دجاجات من أولاد الهنود قد سمنوا حتى عادوا كفراخ النعم. فأتا بهن فأكلهن ولم يرم منهن سوى العظم ممشمشا. ثم قال: هيه شمردل ما عندك أيضا؟ فقال: عكّة من سويق السمد قد لتت بسمن طرى وسكر طبرزد. وأحضرها فاستوفاها. ثم حضر الطباخ يستأذن على حضور الطعام. فقال: أحضره بقدوره. فأحضرت ثمانين قدرا من أنواع الأطعمة. فشرع يأكل من كل قدر اللقمة واللقمتين، وغرفت القدور، وجلس على السماط وأكل فلم تنكر من أكله العادة شيا. ثم استدعى بكيزان الفقّاع، فشرب ما شاء الله أن يشرب. ثم تجشأ فكان كفيل زعق فى جب.
وروى الأصمعى قال: كنت بحضرة الرشيد فذكر سليمان وشرهه (٢١٦) فأرويت هذه الواقعة، فهمس بشى لبعض الخدم الوقوف فأحضر قمطر يحمله خادمان فوضعوه بين يديه. وأمر بفتحه وأخرج منه ثيابا ملونة من الديباج الملكى المذهب الذى لا يصلح إلا للخلفاء والملوك وأكمام جميعها من جهة اليمين غارقة بالدهن. فقال: أتدرون ما هؤلاء؟ فقلنا: لا والله. فقال: هؤلاء ملابس سليمان بن عبد الملك، كان إذا حضرت الحملان المشوا بين يديه تعجبه الكلا ولا يمهل عليها، فيلف يده بكم ملبوسه ويتناول الكلا من جوف الحمل ليدفع عن يده حرارتها. فتعجبنا من قوة شرهه.