مخلدا قال لأمه: إنى أظن بهذه العجوز أنها سلوب نعمة أو حديثة عهد بثكل. فقالت له أمه: ما الذى دلّك على ما ظننت؟ فقال لها: ألم ترى إلى انكسار طرفها وتنفسها الصعداء؟ فلم تلق أمه بكلامه بالا حتى إذا عذر أى ختن، جاءت العجوز تلك فاحتملته من بين يدى الخاتن وأخذت غرلته فانطلقت به إلى أمه. فلما وضعته عندها قال مخلد للعجوز: يا هذه، إنى أحسبك ذات شكية، وهذا أوان بثها. فقالت العجوز: أجل والله ما صاف سهمك وإنى لامرأة من عقايل زغل، كنت ذات خلايا حوافل، وبغايا روافل. فأزمتنا أزام، ثم حطمتنا حطام. فإذا أنا على مثل الملقة الحلقة، لا أنضوى إلى جارحة، ولا أرنوا إلى سارحة ولا رايحة.
فنسفنى الإرمال إلى أبيّات خرّاب من بلعنبر، فاحتبلنى منها بيت كثير شغبه، قليل شخبه لييم ربه، فما كدت أن تيّمنى سنيهات. ثم شرانى بشويهات، وكان أخف أمريه علىّ آخرهما لى، هذه شكيتى، فهل من مشكّ؟ فقال مخلد: ليفرخ روعك يا خالة، فدونك غرلتى رهنا بثلث. أما الأولى فعتقك، وأما الثانية فعشرون حلوبة حلوبة فصالها وسقابها، وأما الثالثة فأمة تربّ بيتك وعبد يؤول إبلك. فأخذت العجوز الغرلة، وبلغ مخلد بن يزيد فأمر للعجوز بذلك كله وأحسن جهازها وارتجع الرهن منها وألحقها بقومها.