للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سرّته وقد قلق منها فيحتكّ بالصخر فتفتح وتسيل على رؤس الأحجار المحدّدة كما يسيل الدمّل وينفجر إذا نضج فيفرع ما فى نافجته، (١٦١) والنافجة بالفارسيّة السرّة، فلمّا يخرج الصيّادون وقد أعدّوا له الأوعية الصينى فيأخذونه من على الصخور ويجمعونه ويودعونه الأوعية وذاك أفضل المسك وأطيبه ولا يكون له شهوكة (١) ويهدونه للملوك.

قال: وأمّا لعنبر فقد اختلفوا فيه على أقوال: أحدها: أنّه عين فى البحر الحبشى، قاله مجاهد، الثانى: أنّه خثا دابّة من دوابّ البحر، قاله الهيثم بن عدى، الثالث: أنّه حشيش ينبت فى جزائر البحر عند الوقواق فتبلعه دوابّ البحر ثم تلقيه، قاله وهب، الرابع: أنّ البحر يهيج فيقذف بالعنبر من قعره كأمثال الجبال فيبلعه الحيوان المعروف بالأوال فإذا حصل فى جوفه مات فيطفو على وجه الماء فيجذبونه بالكلاليب ويأخذونه، فما وجد فى ظهر الحوت من العنبر كان أجود ممّا يوجد فى بطنه وأقلّ شهوكة، قاله مقاتل.

واختلفوا الفقهاء فى وجوب الخمس فى العنبر، فقال علىّ عليه السلام وابن عبّاس رضى الله عنه وابن مسعود: لا خمس فيه، وبه أخذ أبو يوسف ومالك والشافعى وأحمد لما روى أنّ عمر رضى الله عنه سأل عنه فقال: فيه الخمس وفى كلّ ما يستخرج من البحر. ولنا إجماع من سمّينا من الصحابة ولو سلم كان محمولا على ما وجد فى خزائن الكفّار وبه نقول.

وقيل إنّ أسود العنبر ما وقع ببحر فارس قريبا من رأس الجمجمة عند بلاد الشحر باليمن، وكذلك يسمّى عنبر شحرى لخاصّيّة تلك البقعة فإنّ هناك قوم من قضاعة يجعلون الشين المعجمة كافا فيقولون: (٢) قلت لش، أىّ قلت لك، ولهم


(١) شهوكة: زهوكة مرآة الزمان
(٢) قارن مروج الذهب ١/ ١٧٨ مادة ٣٦٤