المدينة لما كملت خمسا وعشرين سنة وقد كان (٣٠٨) عمّر مركبا عظيما وسفره إلى الإسكندرية فى سنة ثلث وأربعين وثلثماية، فصادف فى طريقه إليها مركبا لأبى تميم معدّ المنعوت بالمعزّ ملك إفريقية والقيروان قبل مملكته مصر، وفيه ذخاير وكتب. فاستعلى عليه مركب الناصر لكبره فأخذه ومضى إلى الإسكندرية وعاد إلى المريّة. وجهز المنعوت بالمعزّ أسطولا عظيما وولى عليه ابن أبى الحسين واليه على صقلية. فأتى إلى مرسى المرية فى سنة أربع وأربعين وثلثماية، فأحرق ما فيه من المراكب، وفى جملتها المركب المقدم ذكره. ولما بلغ الناصر ذلك بعث غالبا القايد فى سبعين مركبا إلى إفريقية فأحرق مرسى باب الجزيرة وبونة. ثم عاد إليه.
ولم يكن أحد من قبل عبد الرحمن ينعث بأمير المؤمنين، وإنما كانوا يسمون بأبناء الخلفاء وأبناء الخلايف. فلما ولى عبد الرحمن تسمى بأمير المؤمنين ونعث بالإمام الناصر لدين الله. وولد الناصر يوم الخميس لتسع بقين من رمضان سنة سبع وسبعين ومايتين. وتوفى بالزهراء ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة خمسين وثلثماية. وكان عمره ثلثا وسبعين سنة وسبعة أشهر. وكانت مدة مملكته خمسين سنة. وحمل
(٨) غالبا: انظر هنا ص ٤٨٤:١٥
(٩) بونة: انظر المنجد (فى الأعلام)، مادة «عنّابة» ٤٧٩
(١١ - ٣،٤٨٠) ولم. . . البلّوطىّ: ورد النص فى نهاية الأرب ٢٣/ ٣٩٧ - ٣٩٩ باختلاف بسيط
(١٦) خمسين سنة: فى البيان المغرب ٢/ ١٥٦: «خمسين سنة وستة أشهر وثلاثة أيام»، قارن أيضا نهاية الأرب ٢٣/ ٣٩٩