وكان منذر بن سعيد قاضيه مستمرا من حياة أبيه الناصر حتى توفى.
فولى القضاء ابن بشير الفقيه، فاشترط على المستنصر نفوذ الحكم فيه فمن دونه.
فمن غريب أمره أن امرأة منقطعة كانت لها أريضة تجاور بعض قصوره، فاحتاج إليها لتبنى فيها شيا مما يراد بناه، وسام الوكيل فى ذلك البيع من المرأة فابت.
فأخذه الوكيل قهرا وبنى فيه منظرة بديعة أنفق فيها جملة وافرة.
فوقفت المرأة لابن بشير القاضى، وقصّت عليه قصتها. فقال لها:
انتظرينى عند القصر يوم كذا. فلما كان ذلك اليوم، ركب حماره وقصد الزهراء، وكان المستنصر فى ذلك اليوم بالاتفاق جالس فى تلك المنظرة.
فلما رآه الحجاب بادروا بالاستيذان، فخرج الإذن له فدخل القصر، ومعه حماره. وعلى خرج كبير لا يطيق حمله إلا كثير من الرجال. فقال له المستنصر: ما جاء بالقاضى فى هذا الوقت؟ فقال: أريد ملء هذا الخرج من تراب هذا الموضع. فتعجب منه الحكم وأمر فملئ الخرج. ثم خلا القاضى به وقال: أدل عليك إدلال العلماء (٣١٠) على الملوك الحلماء،
(٢) منذر بن سعيد: انظر هنا ص ٤٧٧، الهامش الموضوعى، حاشية سطر ١٤