متّصل قال: رأيت عليّا بن عبد الله بن عبّاس مضروبا بالسياط يدار به على بعير ووجهه ممّا يلي ذنب البعير، وصائح يصح عليه: هذا عليّ بن عبد الله بن عبّاس الكذّاب! فأتيته وقلت: ما هذا الذي نسبوك فيه إلى الكذب؟! قال: بلغهم عني أنّ هذا الأمر سيكون في ولدي والله ليكوننّ فيهم حتى تملكه عبيدهم الصغار العيون، العراض الوجوه؛ الذين كأنّ في وجوههم المجانّ أي الدرق.
ورأيت في مسوّداتي أنّ عليا هذا دخل على هشام بن عبد الملك-وهو الصحيح؛ فمن قال إنّه دخل على سليمان بن عبد الملك فقد غلط-ومعه ابناه الخليفتان السفّاح والمنصور ولدي محمد ابنه. فأوسع هشام له عن سريره وبرّه وسأله عن حاجته فقال له: علىّ ثلاثون ألف درهم! فأمر بقضائها. ثم قال:
استوص بابنيّ خيرا! فقال: أفعل! فشكره وقال: وصلتك رحم! فلمّا نهض وولّى قال هشام لأصحابه: إنّ هذا الشيخ قد أسنّ واختلّ وخلط فصار يقول إنّ هذا الأمر سينتقل في ولده فسمعه عليّ فالتفت إليه وقال: والله ليكوننّ، وليملكنّ هذان! وأشار إلى ولديه-وخرج وهشام يضحك من قوله.
وذكر المبرّد في كتابه الكامل أنّ عليا هذا كان مفرطا في الطول والجسامة إذا طاف كان كأنما الناس حوله يمشون وهو راكب. وكان يكون إلى منكب أبيه عبد الله، وكان عبد الله إلى منكب أبيه العبّاس، وكذلك العبّاس إلى منكب أبيه عبد المطّلب وقد تقدّم هذا الكلام عند ذكر من أفرط به الطول في الجزء الذي قبله. وقال المبرّد أيضا إنّ العباس كان عظيم الصوت جهوريّة؛ وجاءتهم مرة غارة وقت الصباح فصاح بأعلى صوته: واصباحاه! فلم تسمعه حامل إلاّ وضعت!