للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن الجوزى رحمه الله نقلا عن سماع من غير مشاهدة لذلك، وإنّما الصحيح فى ذلك أنّ عمارة ديار مصر وتعليق أراضيها بالزراعة وريّها بالكامل إذا بلغ النيل ثمانية عشر ذراع وثبت إلى طلوع نجم السماك فيكون ذلك نهاية رىّ البلاد وأقلّ من ذلك يشرق فيها وأكثر من ذلك يبحر منها، فالقانون المستقيم فى ذلك ثمانية عشر ذراع، وأمّا قوله عشرين ذراع فلم يعهد ذلك من أوّل عام الهجرة وإلى آخر سنة خمس وثلاثين (١٦٩) وسبع مائة، وهو آخر ما وقف بنا القول فى هذا التأريخ المبارك إنّه وصل إلى عشرين ذراع قطّ، اللهم إلاّ يقال فى سنة من السنين فى أيّام الحاكم بأمر الله العبيدى من الخلفاء المصريّين، ولم يثبت هذا القول فإنّى فحصت عنه فلم أجد أحدا من المؤرّخين الثقاة (١) ذكر ذلك فى تأريخه وإنّما ذلك مستفاض على ألسنة العوام من الناس.

وأمّا قوله فى الوباء فإنّه لم يكن قطّ بمصر الوباء العظيم إلاّ مع الغلاء العظيم نعوذ بالله من شرّهما، والغلاء فلا يكون بمصر إلاّ لقلّة طلوع النيل وعدم وفاه (٢) دون الستّة عشر ذراع، وربّما يقع فى بعض السنين وباء يسير لما يريده الله تعالى من فروع آجال متقاربة، وقد اعتنيت بذكر هذا النيل فى هذا التأريخ بما لم يعتنى به أحد من المؤرّخين، وذكرت فيه فصول فيها الكفاية فى الجزء التالى لهذا الجزء وذكرت من أحواله ما فيه بلغة للمتأمّل ممّا استخرجته من تأريخ قبطى عتيق يأتى ذكره إن شاء الله تعالى.

وقال ابن الجوزى رحمه الله: وبمصر ترع كثيرة منها: ترعة سنباط، وترعة ذنب التمساح، وترع عدّة بالصعيد، وخليج السردوس، وخليج أبى المنجا، وخليج الإسكندريّة، وخليج القاهرة، وخليج القيّوم المعرف بالمنهى.


(١) الثقاة: الثقات
(٢) وفاه: وفاءه