قلت: وهو أقدم الجميع فإنّه من حكمة يوسف عليه السلام، وبعد السردوس من حفر هامان فى أيّام فرعون، وبعده خليج الإسكندريّة من حفر ياتى الإسكندرية ثم جدّد حسبما نذكر من خبره فى تأريخه، ثم خليج القاهرة حفره الحاكم العبيدى، وسيأتى من ذكر هذه الخلج فصلا فى مكانه إن شاء الله تعالى.
وقال ابن الجوزى إنّما سمّى الفيّوم لأنّه أصله ألف يوم، وكانت كلّ قرية منه تقوم بأهل مصر يوما، قلت: وفى تسميته الفيّوم عدّة أقوال يأتى ذكرها أيضا عند ذكرنا لعمارته فى زمن يوسف عليه السلام وقصّته إن شاء الله تعالى.
حكى (١) لى شيخنا العلامة نادر الزمان الشيخ علاء الدين البخارى أعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركاته وناهيك به ثقة عالما عارفا محقّقا أنّه شاهد فى بلاد لهند وقوّة المطر من نصف الجوزاء إلى نصف الميزان مدّة أربع شهور لا يفتر فيها لحظة غير أنّه فى بعض الأوقات يقع المطر كثيرا متراكما وفى بعضها قليلا وأنّه لا يقع عندهم المطر فى غير هذه الأيّام نادرا حتى أنّه لا يرى عندهم فى أيّام الشتاء غيم البتة وأنّ هذه الأيّام تسمّى عندهم البيكار أو ما يشبه ذلك وإذا أيّام زيادة النيل وجدتها فى هذه الأيّام سواء ولا يقال إنّ هذا فى الهند من أين يصل إلى مصر، فإنّا نقول: المطر ليس بخاصّ بالهند فقط بل هو مختصّ بأحد الأقاليم السبعة التى الهند فى بعضه والإقليم كما علمت ما له من الشرق إلى الغرب فإذا أمطرت الجبال التى ليس بيننا وبينها بحرا أعنى الجبال التى من هذا الإقاليم سالت به الأدوية إلى جبال القمر وصبّ فى النيل زيادة على منبعه الأصلى ولا يخرج بذلك عن لونه تدبير العزيز الحكيم جلّ جلاله ولا إله غيره.