للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: من هذا؟ فقالوا: الملك! فسوّلت لي نفسي إذا هو دخل وثبت عليه فقتلته واستوليت على الأمر، ثم نظرت فإذا زهاء عن عشرة آلاف رجل في السلاح الذي لم ير مثله فكانت موافاتهم وقت دخوله القصر فأقبل يطأ البساط بظهر قدمه ثم إنه سأل عنّي (٢٢) فأومي إليّ فكفّر لي وقبّل يدي وجلس على الأرض! فقلت له: لم لا ترتفع إلى ما مهّد لك؟ فقال، قل له يحقّ للملك أن يتواضع لعظمة الله عزّ وجلّ إذا رفعه الله. ثمّ قال: قل له ما الذي أخرجك من بلدك وأنت من أهل بيت النبوّة؟ فقلت: جاء قوم أقرب إلى نبيّنا منّا فاستولوا على الأمر فقتلونا وشرّدونا حتّى أقبلت إليك. فقال: سله ما بالكم تشربون الخمور وقد حرّمت عليكم في كتابكم؟ فقلت: عبيد وأتباع لنا دخلوا في ملكنا من غير إرادتنا! فحرّك رأسه تحريك منكر ثمّ قال: ما بالكم إذا ركبتم إلى صيدكم ولهوكم تنزلون القرى ثمّ لا يقنعكم ذلك إلاّ بالعسف والضرب، وتهوشون زروعهم في طلب درّاج يساوي نصف درهم، وعصفور لا قيمة له من غير حاجة منكم إليه؟! كلاّ والله! ولكنكم قوم استحللتم ما حرّم الله عزّ وجلّ عليكم، وأتيتم ما عنه نهاكم، وإنّ لله تعالى فيكم غاية لم تبلغ النهاية فإن كنت من القوم فلا تقيمنّ في بلادي فوق ثلاث فإنّي أتخوّف أن تنزل بك نقمة فتشملني معك! فرجعت فأخذت وها أنا بين يدي أمير المؤمنين! فو الله للموت أيسر لي مما أنا فيه. فهمّ بإطلاقه فقال له عمّه إسماعيل بن علي: إنّ له في عنقي بيعة! قال: فما ترى يا عمّ؟ قال: يسكن في دار من دورنا، يجرى عليه كما يجرى على أحدنا! فقال: خذه إليك! فلم يزل عنده حتّى مات. والله أعلم.